السبت

وقفة تأمل ومحاسبة في تمام الأربعين






في هذا اليوم ابلغ سن تمام الاربعين باليوم والليلة وهنا لي وقفه بل توقف طويلة وتأمل ومحاسبة ومراجعة وتصحيح وتجديد للتوبه ولأنابة مع قوله تعالى:
{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }الأحقاف15







ثم تأملت قوله تعالى في وصفِ موجز وبليغ ابلغ من دواوين العرب قاطبة وافصح من لسان شعراء الجاهلية والاسلام مجتمعة آية وصف فيها سبحانة حقيقة الحياة التي نلهث فيها سعياً وعدوا خلف سراب ووهم اسمه الدنيا وصفها سبحانه فصورها على حقيقتها مجرده من كل المفاتن عارية من كل ستر خلع عنها زينتها وزخرفها وأستارها البراقه وأظهر لنا حقيقتها وجوهرها ومئالها وخاتمتها قال سبحانه:
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) (19) الحديد


وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور 00 فأغتررنا بها فهل سيكون مئالنا الى عذاب شديد بما فرطنا وسوفنا واسرفنا على انفسنا بالذنوب ام ستشملنا رحمته سبحانه الرحمن الرحيم ويشملنا برضوانه وامتنانه0





انني اقف اليوم غير مصدق انني قد بلغت الاربعين اقلب شهادة ميلادي اعيد حساباتي اعيد شريط ذكرياتي فوجدتة مليئا بالمعاصي والذنوب والتقصير
وجدت ان زادي لا شك لن يبلغني فما لي سبيل الا التوبه والأنابة وطلب الرحمه والمغفره من الرحمن 0





ولكن كيف سئبدأ وكيف أستفيد من هذه الوقفه والمحاسبه وكيف أعوض ما فات من وقت قضيته في اللهو والعبث والقيل والقال فما بقي قطعا هو أقل مما فات أو سأكون فيه أقل قوة على الطاعات والاعمال مما سبق من شبابي فرجعت الى كتب الصالحين واطلعت على حال السلف في محاسبة أنفسهم على الوقت فوجدت الشيء العجاب!!



فهذا ابن تيمية رحمه الله تعالى يقول كان جدي في حفظ الوقت عجبا .. كان إذا دخل الخلاء قال لأحد أبنائه أقرأ الكتاب وارفع صوتك حتى أسمع0



وهذا أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي كان يأكل الكعك ولا يأكل الخبر
فقيل له: لما لاتأكل الخبز ؟
فقال : حسبت الوقت بين أكل الكعك والخبز قراءة خمسين آية
الله اكبر فكم نضيع نحن من الوقت قصدا ؟



وها هو ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه يقول ما ندمت على شيئ ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي
فماذا زدنا نحن من عمل لينفعنا الله به؟



وقيل لأحد الصالحين اجلس معنا فقال : احبس الشمس أجلس معك ( أي إن استطعت أن تحبس العمر فأنا أجلس معك )



لله درهم ما أشد حرصهم على أوقاتهم فكيف لي ان الحق بركبهم وقد فرط تفريط نمرود متعجرف او ضال ومستهتر0
هذه وقفه احببت فيها ان اذكر نفسي وألجمها واقودها الى الطريق الصحيح فأنا كما قال احد الصالحين منذو اربعين عاما أسير وأوشكت على الوصول فهل من زاد اتزود به 0
وأذكر نفسي بما انعمه الله علي من عمر وصحة وفراغ لأجعله طاعة لله تعالى وان أعمرة بالعمل الصالح وأحتسب الاجر وأصاحب اعمالي بنية الخير 0
فلتجعلي يانفس نصب عينيك قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم :
( اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك )


قال تعالى
{ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ{7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه} الزلزله


وأخيراً ارفع اكف الدعاء الى خالق الأرض والسماء وادعوه كما قال سبحانة :
"رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ"


هذا وصلى الله وسلم علي سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة والتسليم





هناك 8 تعليقات:

ريحانة الإسلام يقول...

صدق الحسن البصري رحمه الله حين قال: يا ابن آدم انما أنت أيام، إذا ذهب يومك ذهب بعضك..

يا اللــــــه كم ضيعنا من الوقت و كم تمادينا و سوفنا و لا نتوب.. كأن العمر سينتظرنا..فسبحان الذي خلقنا و جعل لكلّ شيء أجل.

أخي في الله، فعلا هو عمر الحكمة و الرزانة و نضج العقل، انه سن الأربعين، و اذكر أنه السن الذي بُعث فيه الحبيب عليه صلوات ربي و سلامه، فكان أنسب لتحمل أعباء الرسالة و انظر الى النتيجة، بناء أمة ضربت جذورها الى يومنا هذا،
أخي ليست العبرة بالكم و لا أحد يدخل الجنة بعمله، انما اخلاص النية و حسن التوكل على الله قد يوصل المرء لأعلى الدرجات عند ربه جعلني الله و اياكم من أهل الجنة

مقالك حوى الكثير من العبر و العظاة، في وقت نحن بأمس الحاجة لمن يذكرنا لمّا كثرت الفتن من حولنا و انشغلنا بأمور الدنيا عن أمور الدين..جزاك الله خيرا و جعله الله في ميزان حسناتك و بارك لك في عمرك و أهلك و ولدك

..

هذا طريق السالكين لربهم *** فاسلك حباك الله بالإيمان
ولتتبع هدى النبى المصطفى *** فبهديه تنجو من النيران
وازهد أخى فى متاع ذائل *** واقهر غرور النفس والشيطان
واعمل لجنات النعيم وطيبها *** فنعيمها يبقى وليس بفان

..

abonazzara يقول...

أخي صالح
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا على زيارتك لمدونتي "الروافض" وعلى جميل دعائكم وتقريظكم
وأسأل الله ان يكون عملي وعملك خالصا لوجهه سبحانه وأن تجمعنا الاخوة والمحبة في الله حتى نلقاه سبحانه وهو راض عنا
اللهم آمين

Unknown يقول...

اخي الحبيب
بارك الله في وقتك و صحتك و علمك
هل تسمح لي بوضع مقالك المفيد على مدونتي المتواضعة مع الاشارة للمصدر طبعا.
وشكرا

صالح السيد يقول...

اختي الفاضله
ريحانة الاسلام
جزاك ربي خير الجزاء على تكرمك بالتعليق على الموضوع واعجبني كثيرا ما تطرقتي له اساله تعالى ان يجعلنا ممن يسمع القول ويتبع احسنة
وان يعيننا على ان نعوض ما فات من اعمارنا
وان يختم لي ولك ولوالدينا بالصالحات
وفقك الله تعالى وحرمك على انار

صالح السيد يقول...

اخي الكريم الاستاذ ابو نظارة
الشكر لله اخي وما جذبنا لكم ولمدونتكم الا الماده الجيده والطرح الراقي المفيد والهام
وفقكم الله اخي الحبيب

صالح السيد يقول...

اخي الحبيب المبارك 00 Svärd
طلبكم هذا شرف لي ولموضوعي
ولمودونتي
واعتبر هذا الامر مباركه منكم لمدونتي
بكل سرور اخي الحبيب
واتشرف بذلك
والتمس منكم ومن الجميع العذر على تأخري في الرد عليكم وما منعني الا ظروف قاهرة
وفقكم الله تعالى

دندنة قيثارة الوجد يقول...

ما أكثر الوقفات في حياتنا .. فهي تعيد النظر فيما فات وفيما هو قادم .. جميل جدا أن يقف الإنسان مع نفسه وقفة تأمل.

تقبل مروري

كلمات من نور يقول...

ليتنا نتذكر كل هذا دوما ولا تلهينا الدنيا وتبعدنا عن أبواب الله عز وجل ...ربي يبارك في عمرك ويرزقك حبه وحب من يحبه وحب عمل يقربك إلى حبه...تحياتي